فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء
إن فن الذكر والدعاء عن خاتم الأنبياء هو كتاب لا يخطر بالبال أنه مجرد نصائح عن الذكر وفضل الذكر والاستغفار مما اُعتِدَ سماعه وقراءته في عصرنا هذا، بل ما يحتويه أعمق بكثير، أعمق لدرجة استشعار الجسد القشعريرة حبًا وخضوعًا وخشيةً؛ فالقلب الغافل سيصحو من سباته مسبحًا خاشعًا لله الخالق سبحانه مصليًا مسلمًا على محمد بن عبد الله ﷺ. يذكر الشيخ في مقدمة الكتاب أن الخلائق أجمعين لابد وأن يكونوا على معرفة صحيحة بخالقهم جل وعلا، وأن يعترفوا بحقوق الخالق سبحانه اعترافًا كاملًا، وهذا الوعي بحقوق الله لا يرتبط بالعلم أكثر ما يرتبط بتدريس هذا العلم ونشره وتصحيحه للبشرية، وهذا ما كان عليه الأنبياء ومن سار على نهجهم. ثم يذكر الشيخ أنه قد شغف بسير الأنبياء كثيرًا وحاول أن يقتبس منهم في حياته شعاعًا يستضئ به، فموسى عليه السلام بعدما عرف الله حقًا وهو في أشد حاجته إليه يناجي خالقه بقوله (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)، وعيسي عليه السلام وهو يدافع عن نفسه في مسائلة دقيقة ومواجهة بينه وبين الله يقول (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)، وإبراهيم عليه السلام وهو بمكة يسلم ابنه للقدر المرهوب ويسأل الله جل علا (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)، غير أنك تنبهر وتتوه منك نفسك وأنت بيدي النبي الخاتم محمد بن عبد الله وهو يدعو ويدعو وتكاد تشعر بأنك أمام فن من فنون الدعاء والمناجاة ذاهب في الطول والعرض لم يؤثر مثله عن المصطفين الأخيار على امتداد الأدهار، ثم ينقلنا الكاتب إلى عنوان آخر ويسأل كيف عرِّفنا محمد بالله؟! أو بشكل آخر كيف عرف محمد ربه؟!
للتحميل إضغط هنا