هل نحن نستهلك بعقلانية
إن من أولى وأهم الأسباب التي أضعفت الأمة الإسلامية والعربية ومكنت الدول الغربية من إحكام سيطرتها عليها، هو كونها أمة تستهلك أكثر مما تنتج ، وهي في الغالب تستهلك المواد المستوردة من الدول الغربية، مما سمح لتلك الدول أن تفرض عليها شروطها، وتلوح من وقت لآخر بسلاح العقوبات الاقتصادية، من أجل إذلال تلك الدول وإخضاعها لتنفيذ سياساتها وأهدافها .
من هنا فإننا عندما نتحدث عن ترشيد الاستهلاك، فإننا نهدف بذلك على الصعيد الخاص إلى " توجيه الأنماط والعادات الاستهلاكية الغذائية، بحيث يتسم السلوك الاستهلاكي للفرد أو الأسرة بالتعقل، الاتزان، الحكمة، الرشادة، الموضوعية والمنطقية، وبحيث يكون استغلال الفرد من الأغذية حسب احتياجات جسمه وبالكميات والنوعية التي تحقق له اتزان الفائدة الغذائية، والتي تفي بكافة احتياجاته من السعرات الحرارية اليومية دون زيادة أو نقصان، مما يزيد نشاط وحيوية الفرد، وينعكس بدوره على إنتاجية الفرد واستهلاك الأسرة، ومن ثم على استهلاك المجتمع وحيويته " .
ونهدف على الصعيد العام إلى " تحسين نمط حياة السكان، والعمل على رفع مستوى معيشتهم، وتطوير الاقتصاد من خلال تنمية مختلف القطاعات، وبالأخص التطبيق المنظم والشامل لسياسات الغذاء والزراعة والمناطق الريفية، والتي تشارك فيها الحكومة والسلطات المحلية، إضافة إلى توفير الكمية المناسبة من الأغذية ذات النوعية الجيدة والمأمونة صحياً وذات الأسعار المناسبة".
والجدير بالذكر أن هذه الدعوة إلى ترشيد الاستهلاك لا يقصد بها الحرمان من التمتع بملذات الدنيا، بقدر ما يقصد بها العمل على تربية النفس حتى يتمكن المسلم من القيام بدوره في النهوض بواجبه الاستخلافي في الأرض وفقاً لقول الله عز وجل: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ " .
كما يقصد منها الدعوة إلى التوسط وعدم الاسراف في الاستفادة من نعم الله عز وجل، والتي حث عليها الله سبحانه وتعالى في كثير من الآيات القرآنية، مثل قوله تعالى : " كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لايحب المسرفين ". وقوله سبحانه : " إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا
" .