تدبر القرآن
لقد حاول الأعداء أن يلقوا في روعنا أن القرآن مجرد كتاب للتاريخ. وما دام الأمر كذلك، فلا طائل من ورائه. ولكن هل القرآن مجرد كتاب للتاريخ فعلا؟!! إن القرآن يتكلم بالفعل عن التاريخ، ولكن لأخذ العبرة
فانظر مثلا إلى قصة نبي الله موسى عليه السلام مع فرعون التي تكررت في القرآن كثيرا، وانظر إلى فرعون وهو يحسم القضية مع قومه قائلا: { مَا أُرِيكُمْ إَِّلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إَِّلا سَبِيلَ الرَّشَادِ } [ غافر: 29 ] . إنها قصة كل طاغية في كل عصر. وعلى سبيل المثال، فهذه القصة تتكرر معنا الآن، فنجد طاغية أمريكا الأكبر يجرجر العالم وراءه في حروب لدول الإسلام قائلا نفس المقالة التي قالها سلفه من قبل: " ما أريكم إلا ما أرى، فلابد من ضرب المسلمين الإرهابيين "!! وحتى إذا اعترضت عليه إحدى الدول، مثل فرنسا أو ألمانيا، فيكون رده عليها هو: " ما أريكم إلا ما أرى، وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ".
ولكن بالإضافة إلى القصص التاريخي الذي يحفل به القرآن، فإن القرآن يحفل بحوارات لا نظير لها في أي كتاب آخر، ولا توجد في أي مكان سواه. تلك الحوارات التي تدور بين الناس - سواء المهتدين أو المجرمين - مع الملائكة منذ لحظة الموت وحتى ما بعد البعث والنشور والاستقرار في الجنة أو النار. تلك المشاهد التي لا يستطيع أي كتاب آخر أن يخبرنا عنها أو عن كيفيتها، إلا القرآن، لأنه جاء من عند الخبير بما سيحدث في تلك المواقف. وقد جعل الله تلك الحوارات غيبا، لا يُطلع عليها أحدا، إلا من شاء سبحانه. ولو حاول أهل الأرض معرفة ما يحدث في القبر مثلا لفشلوا، ولو استخدموا في سبيل ذلك آخر ما وصلت إليه علومهم ومعارفهم. ولن يجدوا أمامهم إلا القرآن هو الذي يخبرهم بذلك.