shape
shape

بطانة السوء

بطانة السوء
2024-02-24

بطانة السوء

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا له بطانتان: بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه. فالمعصوم من عصم الله تعالى. [ صحيح البخاري، 6611 و7198 ]. وفي رواية هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من والٍ إلا وله بطانتان، بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالا، فمن وُقي شرها فقد وُقي، وهو من التي تغلب عليه منهما. [ صحيح / صحيح سنن النسائي للألباني، 4212 ].

هاتان الروايتان تفسران بعضهما بعضا. ففي رواية أبي هريرة، " ما من والٍ "، وهي أعم. والخير الذي تأمر به البطانة الصالحة هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على ما جاء في رواية أبي هريرة.

 

جاء في فتح الباري بشرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني ( ج: 13، ص: 202 ): البطانة: الدخلاء، جمع دخيل، وهو الذي يدخل على الرئيس في مكان خلوته، ويفضي إليه بسره، ويصدقه فيما يخبره به مما يخفى عليه من أمر رعيته، ويعمل بمقتضاه. وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي بشرح الترمذي ( ج: 6، ص: 237 ): " إلا وله بطانتان ": البطانة: الصاحب، وهو الذي يُعرّفه الرجل أسراره ثقة به, شبهه ببطانة الثوب.

وقوله: " وتحضه عليه ": أي ترغبه فيه وتؤكده عليه. وقوله في الرواية الأخرى: " بطانة تأمره بالمعروف ": أي ما عرفه الشرع وحكم بحسنه، " وتنهاه عن المنكر ": أي ما أنكره الشرع ونهى عن فعله.

وقوله " لا تألوه خبالا ": أي لا تقصر في إفساد أمره لعمل مصلحتهم, وهو اقتباس من قوله تعالى: ﴿ َلا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً ﴾ ] آل عمران: 118 [. وقوله: " فالمعصوم من عصم الله "، وفي الرواية الأخرى: " ومن وقي شرها فقد وقي ": والمراد به إثبات الأمور كلها لله تعالى: فهو الذي يعصم من شاء منهم. " فالمعصوم من عصمه الله لا من عصمته نفسه "، إذ لا يوجد من تعصمه نفسه حقيقة إلا إن كان الله عصمه.

قال الحافظ : والمراد به إثبات الأمور كلها لله تعالى، فهو الذي يعصم من شاء منهم. فالمعصوم من عصمه الله، لا من عصمته نفسه. إذ لا يوجد من تعصمه نفسه حقيقة، إلا إن كان الله عصمه .

وفيه إشارة إلى أن ثم قسما ثالثا، وهو: أن من يلي أمور الناس قد يقبل من بطانة الخير دون بطانة الشر دائما, وهذا اللائق بالنبي, ومن ثم عبر في آخر الحديث بلفظة " العصمة ". وقد يقبل من بطانة الشر دون بطانة الخير, وهذا قد يوجد ولا سيما ممن يكون كافرا. وقد يقبل من هؤلاء تارة ومن هؤلاء تارة, فإن كان على حد سواء فلم يعترض له في الحديث لوضوح الحال فيه، وإن كان الأغلب عليه القبول من أحدهما فهو ملحق به إن خيرا فخير وإن شرا فشر.