موارد بيت المال
تنقسم موارد بيت المال في الدولة المسلمة إلى عدة موارد ومصادر تحت القاعدة الأصولية العامة (إن الأصل في الأموال الحرمة وما أبيح أخذه يكون بنص).
وهي القاعدة المستفادة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام...» وهذه الموارد كما يلي:
أولاً: الزكاة: وهي ركن من أركان الإسلام وفريضة محكمة وثابتة إلى قيام الساعة، وهي مقدار معلوم من مال الأغنياء يُردُّ إلى إخوانهم الفقراء وهي أرقى صور التكافل والتراحم الاجتماعي، والذي لا يُعرف نظيره في أي مجتمع من المجتمعات السابقة أو اللاحقة، والمال الواجب فيه الزكاة، أربعة أقسام:
(1) زكاة النقد.
(2) زكاة السوائم والأنعام والماشية.
(3) زكاة الزروع والثمار.
(4) زكاة الركاز والمعادن.
وهذا المورد من موارد بيت مال الدولة المسلمة يتميّز عن باقي الموارد بتحديد مصارفه وأوجه إنفاقه وهي المذكورة في الآية رقم 60 من سورة التوبة.
ثانيًا: الخراج: لمّا فتح المسلمون بلاد العراق وأزالوا دولة الفرس المجوس منها، وأيضا فتحوا الشام والجزيرة وطردوا الروم، منها طلب كثير من كبار الصحابة من الخليفة عمر بن الخطاب أن يًقسِم الأرض المفتوحة على الفاتحين والمجاهدين، كما قسم عليها الغنائم المنقولة من سلاح ومتاع، ولكن عمر رأى أن تكون الأرض المفتوحة فيئًا لعموم المسلمين على مر العصور, واستند في رأيه على آيات الفيء الموجودة في سورة الحشر, وآية الفيء هذه لعموم المسلمين حتى في العصور القادمة، وألحَّ عليه الصحابة في تقسيم الأرض ولكنه أبى، وأيده في رأيه عبد الرحمن بن عوف، وشرح الله عز وجل صدر الفاروق لهذا الرأي الذي كان فيه الفلاح والصلاح للأمة المسلمة، وجعل عمر على هذه الأرض مقدارًا معينًا من المال تدفعه كل عام وهو ما عرف بالخراج، والأرض الخراجية تنقسم إلى نوعين هما:
1- الأراضي التي فُتحت عنوة وبَقِيَ عليها أهلها دون أن يدخلوا في الإسلام، يفلحونها لحاجة الدولة لخبراتهم على أن يدفعوا خراجها وينتفعوا بالباقي مقابل عملهم في الأرض.
2- الأراضي التي فتحت صُلحًا واتفق المسلمون مع أهلها على أداء خراجها مقابل أن تبقى في أيديهم يتوارثونها طالما يدفعون خراجها ولا يستطيع أحد أن يأخذها.
وكان الخراج أحيانًا في صورة مال أو حاصلات زراعية وكان يجبى بعد الحصاد, وحولُه شمسي لا قمري لارتباط الزراعة بالنظام الشمسي والفصول الأربعة.
مع ملاحظة حقيقة هامة تضمن استمرارية الخراج كمصدر هام من مصادر الأموال في الدولة المسلمة، وهي أن الخراج لا يسقط عن الأرض أبدًا حتى ولو أسلم أصحابها، ويعتبر كتاب الخراج للقاضي أبي يوسف -صاحب أبي حنيفة- من أفضل وأول ما كتب في مصادر بيت مال الدولة ومصارفه، كتبه بناءً على طلب الخليفة العباسي هارون الرشيد الذي أراد ضبط الأمور المالية في خلافته.