shape
shape

موارد بيت المال٢

موارد بيت المال٢
2024-02-25

موارد بيت المال٢

لما اتضح لعمر رأيه في الأرض المغنومة أرسل من قِبَلِه رجالاً لمسح أرض السواد "بالصراق" فبلغت مساحتها 26 مليون جريب، والجريب مساحته تقدر بألف ومائتان متر، أي أن كل 3.5 جريب يوازي فدان زراعي الآن، وجعل عمر على كل جريب مقدارًا معينًا من الدراهم يختلف من جريب لآخر حسب طبيعة الزراعة أو الثمار والزروع, فالكرم والنخل تختلف عن القمح, والشعير عن القطن عن القصب وهكذا, وبلغت قيمة خراج أرض السواد قبل وفاة عمر بعام واحد مائة مليون درهم.

 

وقد بقي لنا من عهد المأمون العباسي أثر تاريخيّ هام يدل على مقدار الجباية الخراجية من جميع الأقاليم, فيكون بهذا الأثر دخل الدولة الإسلامية من الخراج فقط كمورد من موارد الدولة يبلغ 31960000 درهم، و3817000 دينار، هذا غير العروض الأخرى المذكورة والتي لو قومت لبلغت مبلغًا كبيرًا، كل ذلك يرد إلى بيت مال المسلمين ببغداد.

العشور: ليست كل أراضي الدولة الإسلامية المفتوحة تعتبر أرضًا خراجية، بل هناك نوع آخر من الأراضي لا يفرض عليها الخراج، وهي التي يفرض عليها عشر غلتها واسمها الأرض العشرية، وهي ثلاثة أنواع:

أ - الأرض التي أسلم أهلها وهم عليها من غير قتال ولا حرب.

ب - الأرض التي لم يعرف لها صاحب ووزعت على الفاتحين بإذن الإمام.

ج - الأرض البور أو الموات التي فتحها المسلمون وقاموا باستصلاحها.

 

ويلاحظ أنه لا يجوز تحويل الأرض العشرية إلى أرض خراج كما لا يجوز تحويل أرض الخراج إلى أرض عشرية.

 

رابعًا: الجزية: تأمر شريعة الإسلام السمحة النقية أنه إذا أراد المسلمون غزو بلد وجب عليهم أولاً دعوة أهله إلى الدخول في الإسلام، فإذا لم يسلموا يبقون على دينهم ويدفعون الجزية مقابل دفاع المسلمين عنهم ورد العدوان عن بلادهم وتمتعهم بجميع حرياتهم, وهي تقابل الزكاة المفروضة على المسلمين، وتتبين لنا عظمة هذا الدين القويم في أن الجزية لا تؤخذ إلا من الرجال دون النساء والصبيان، ولا تؤخذ من مسكين ولا من أعمى ولا من مقعد لا مال له، ولا من راهب ولا من شيخ كبير لا يستطيع العمل، ولا من المرضى الزمنى, وليس في أموال أهل ذمة المسلمين زكاة، وتتضح أيضًا عظمة هذا الدين في أن مقدارها يختلف من حالة لأخرى حسب يسر الدافع, وقد ذكر أبو يوسف في كتابه الخراج ثلاثة فئات: 58 درهمًا على الموسرين، و24 على المتورطين، و12 على العمال، والجزية لا تسقط عن الذمّي إلا في حالة واحدة وهي إسلامه "بخلاف الخراج".

 

وليست الجزية من مستحدثات الإسلام فلقد عرفتها الأمم السابقة, فلقد فرض اليونان القدامى على سكان سواحل آسيا الصغرى في القرن الخامس قبل الميلاد ضريبة أشبه بالجزية مقابل حمايتهم من هجمات الفينيقيين، كما فرضها الروم على الشعوب التي أخضعوها لحكمهم وتبعهم الفرس، وكانت الجزية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق على أهل الكتابين اليهود والنصارى, فلما كان عهد عمر بن الخطاب ألحق بهما المجوس عملاً بشدة عبد الرحمن بن عوف, فلما كان عهد المأمون العباسي ألحق بهم "الصابئة"