shape
shape

مصارف بيت المال

مصارف بيت المال
2024-02-25

مصارف بيت المال

أولاً: أرزاق الولاة والقضاة وموظفو الدولة والعمال في المصلحة العامة ومن هؤلاء أمير المؤمنين أو الخليفة نفسه.

 

ثانيًا: رواتب الجند والعسكر, ولم يكن هناك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم مرتبات معينة للجند لأن الجميع كانوا جنودًا، ولم يكن هناك جيش نظامي بالمعنى المعروف، وكان الجميع يأخذ من أربعة أخماس الغنائم والخراج، ولما وَلِيَ أبو بكر ساوى بين الناس في الأعطيات، فلما جاء عمر بن الخطاب قسَّم العطاء مفضلاً الأسبق فالأسبق وعلى هذه القاعدة كانت المرتبات كالآتي:

- 12000 درهم لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولعمه العباس.

- 5000 درهم لأهل بدر وألحق بهم الحسن والحسين.

- 4000 درهم لمن كان إسلامه كأهل بدر ولكن لم يشهدها وألحق بهم أسامة بن زيد.

- 3000 لعبد الله بن عمر وبعض أبناء المهاجرين والأنصار كعمر بن أبي سلمة.

- 2000 درهم لأبناء المهاجرين والأنصار.

- 800 درهم لأهل مكة.

- 400/300 لسائر الناس.

- 600 إلى 200 لنساء المهاجرين والأنصار.

- 9000 لأمراء الجيوش والقراء.

 

وهكذا كان الحال, فلما كثر الناس عن حاجة الغزو والجهاد، ولدواعي قيام الحضارة العمرانية اشتغل كثير من الأمة بغير الجهاد من الصنائع، فلجأت الدولة للجيش النظامي وأصبح هناك دواوين خاصة بالجند ينالون منها الرواتب الخاصة بهم على رأس كل سنة.

 

ثالثًا: تجهيز الجيوش وآلات القتال من سلاح وذخائر وخيل وما يقوم مقامهما.

 

رابعًا: إقامة المشروعات العامة من جسور وسدود وتمهيد الطرق والمباني العامة ودور الاستراحة والمساجد.

 

خامسًا: مصروفات المؤسسات الاجتماعية مثل المستشفيات والسجون وغير ذلك من مرافق الدولة.

 

سادسًا: توزيع الأرزاق على الفقراء واليتامى والأرامل وكل من لا عائلة له, فالدولة تعوله وتكفله, ومن العرض السابق يتضح لنا النظام الاقتصادي الدقيق الذي ابتكرته الحضارة الإسلامية في خطواتها الأولى ومبكرًا جدًا قبل أي حضارة أخرى سابقة أو حتى لاحقة, فهي صاحبة السبق في تنظيم الموارد والمصارف المالية الخاصة بالدولة، ويبقى بعد هذه الموارد والمصارف كلها أنه قد تفاجأ الدولة بكارثة أو مجاعة أو قحط شديد أو وباء قاتل، وهنا يكون ندب الأغنياء من المسلمين من غير إكراه للصدقة والعطاء لإنقاذ جمهور المسلمين، كما فعل عثمان بن عفان مع المجاعة في عهد أبي بكر الصديق عندما تصدق بأموال طائلة لنجدة المسلمين، وكما فعل عبد الرحمن بن عوف أيام عمر بن الخطاب، وأمثال ذلك كثير عبر التاريخ الإسلامي، مما يضمن استمرارية تدفق الأموال على خزينة الدولة دون إكراه أو مصادرة أو إجبار.

 

وهكذا نرى أن المنظومة الاقتصادية في الحضارة الإسلامية كانت تمثل معلمًا بارزًا من معالم تلك الحضارة، ضمنت لتلك الحضارة وتلك الدولة المسلمة الاستقلالية والاستمرارية والتوسع والانتشار، وأيضًا الشفافية في التعامل والحرية في اتخاذ قراراتها، فإن الدولة متى اعتمدت على غيرها في المساعدات والقروض، فقد تخلَّت طواعية عن سيادتها واستقلاليتها لصالح من تأخذ منه الأموال، وهذا وقع بالفعل لكثير من بلاد المسلمين الآن، وهذا رغم تراثهم العظيم والحافل من رصيد التجربة في الحضارة الإسلامية.